الرياضة
المنتخب التونسي في تصفيات كأس العالم 2026: التحديات والفرص


مقدمة
يخوض المنتخب التونسي لكرة القدم غمار تصفيات كأس العالم 2026 بطموحات كبيرة وآمال عريضة، ساعياً للتأهل إلى النهائيات العالمية للمرة السابعة في تاريخه، والثالثة على التوالي بعد مشاركتي 2018 و2022. وتحت قيادة المدرب الوطني سامي الطرابلسي، الذي عاد لتدريب “نسور قرطاج” بعد غياب دام 13 عاماً، يقدم المنتخب التونسي أداءً لافتاً في التصفيات الإفريقية، متصدراً مجموعته بفارق مريح عن أقرب منافسيه.
تسلط هذه المقالة الضوء على مسيرة المنتخب التونسي في تصفيات كأس العالم 2026، مستعرضة نتائج المباريات السابقة، وأبرز اللاعبين المؤثرين في التشكيلة، والتكتيك الذي يعتمده المدرب، والتحديات التي تواجه الفريق، والفرص المتاحة أمامه للتأهل، بالإضافة إلى آراء الجماهير والمحللين حول فرص المنتخب في الوصول إلى المونديال المقبل.
نتائج المباريات السابقة وأداء الفريق حتى الآن
نتائج المباريات في تصفيات كأس العالم 2026
حقق المنتخب التونسي نتائج مميزة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 حتى الآن، إذ خاض 6 مباريات، فاز في 5 منها وتعادل في واحدة، محققاً 16 نقطة من أصل 18 ممكنة. وفيما يلي نتائج المباريات التي خاضها:
- تونس 4-0 ساوتومي وبرينسيب (الجولة الأولى)
- مالاوي 0-1 تونس (الجولة الثانية)
- تونس 1-0 غينيا الاستوائية (الجولة الثالثة)
- ناميبيا 0-0 تونس (الجولة الرابعة)
- ليبيريا 0-1 تونس (الجولة الخامسة)
- تونس 2-0 مالاوي (الجولة السادسة)
ترتيب المجموعة الثامنة
يتصدر المنتخب التونسي المجموعة الثامنة برصيد 16 نقطة، متقدماً بفارق 4 نقاط عن أقرب منافسيه منتخب ناميبيا (12 نقطة)، فيما يأتي منتخب ليبيريا في المركز الثالث برصيد 10 نقاط، ومالاوي رابعاً بـ6 نقاط، وغينيا الاستوائية خامساً بـ3 نقاط، وأخيراً ساوتومي وبرينسيب بدون نقاط.
الأداء الفني للمنتخب
يتميز أداء المنتخب التونسي في التصفيات بالصلابة الدفاعية، إذ لم تهتز شباكه في أي مباراة حتى الآن، ليكون المنتخب الوحيد في التصفيات الإفريقية الذي حافظ على نظافة شباكه في جميع المباريات. وعلى الصعيد الهجومي، سجل المنتخب 9 أهداف في 6 مباريات، بمعدل 1.5 هدف في المباراة الواحدة.
أبرز اللاعبين المؤثرين في التشكيلة
حراسة المرمى
يعتمد المدرب سامي الطرابلسي على الحارس أيمن دحمان (الصفاقسي) كحارس أساسي للمنتخب، وقد نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في جميع مباريات التصفيات حتى الآن، مما يعكس مستواه المميز وثبات أدائه.
خط الدفاع
يشكل كل من:
- منتصر الطالبي: قائد خط الدفاع ولاعب محوري في التشكيلة
- ديلان برون: مدافع ساليرنيتانا الإيطالي الذي يقدم مستويات ثابتة
- علي العابدي: صاحب الخبرة الكبيرة في الدفاع
- محمود غربال: الظهير الأيمن المتألق مع الاتحاد المنستيري
عماد الخط الخلفي للمنتخب التونسي، وقد نجحوا في تشكيل جدار دفاعي صلب أمام المنافسين.
خط الوسط
يبرز في خط وسط المنتخب التونسي:
- عيسى العيدوني: لاعب وسط نادي الترجي، صاحب الرؤية الفنية العالية
- الفرجاني ساسي: لاعب الوسط المخضرم الذي يمثل عنصر الخبرة في الفريق
- أنيس بن سليمان: صانع ألعاب متميز يجيد التمريرات الحاسمة
- حنبعل المجبري: الموهبة الشابة التي تألقت في المباريات الأخيرة
خط الهجوم
يعتمد المنتخب التونسي في الهجوم على:
- نعيم السليتي: الجناح المتألق صاحب المهارات الفردية العالية
- سيف الدين الجزيري: المهاجم الهداف الذي يمتلك حساً تهديفياً عالياً
- حازم المستوري: مهاجم الاتحاد المنستيري الذي سجل هدف الفوز في مباراة ليبيريا
تكتيك وأسلوب المدرب سامي الطرابلسي
تعيين سامي الطرابلسي
تم تعيين سامي الطرابلسي مدرباً للمنتخب التونسي في فبراير 2025، وهي المرة الثانية التي يتولى فيها تدريب المنتخب بعد تجربة أولى بين عامي 2011 و2013، حيث قاد المنتخب خلالها للفوز بلقب كأس أمم أفريقيا للمحليين عام 2011 في السودان.
الهدف الرئيسي للمدرب
حدد سامي الطرابلسي هدفه الرئيسي مع المنتخب التونسي بوضوح، وهو التأهل إلى كأس العالم 2026. وقد صرح في مؤتمر صحفي: “التأهل لكأس العالم ضرورة قصوى في تونس وهدف رياضي واضح بالنسبة للجميع”، مضيفاً: “جئت إلى المنتخب من دون شروط لتقديم الإضافة وسأسعى مع الجهاز الفني المساعد إلى أن نحقق المأمول”.
المقاربة التكتيكية
يعتمد الطرابلسي على تكتيك متوازن يجمع بين الصلابة الدفاعية والفاعلية الهجومية، مع التركيز بشكل خاص على:
- الانضباط التكتيكي والتنظيم الدفاعي المحكم
- الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة
- استغلال الكرات الثابتة والضغط العالي
- الاستفادة من المهارات الفردية للاعبين في الثلث الأخير من الملعب
وقد صرح الطرابلسي قبل مباراة ليبيريا: “سنعمل على تغيير بعض الأمور على المستوى التكتيكي رغم قصر الفترة التي عملنا خلالها، لكن التكنولوجيا في كرة القدم تسمح للمدرب بتجاوز بعض العوائق على مستوى الوقت”.
التحديات التي يواجهها المنتخب التونسي
أزمات دفاعية
مشاكل في حراسة المرمى
رغم تألق أيمن دحمان، يواجه المنتخب التونسي تحديات في مركز حراسة المرمى، حيث يعاني من تراجع أداء الحراس البدلاء في الدوري المحلي. كما أن أمان الله مميش (الترجي) شهد تراجعاً ملحوظاً في مستواه في الفترة الأخيرة، وتعرض عبد السلام الحلاوي (الاتحاد المنستيري) لإصابة عضلية خلال التدريبات.
إصابة ياسين مرياح
تمثل إصابة المدافع ياسين مرياح على مستوى الرباط الصليبي تحدياً كبيراً للمنتخب التونسي، نظراً لأهميته الكبيرة في خط الدفاع خلال السنوات الماضية.
مشاكل في مركز الظهير الأيمن
يعاني المنتخب التونسي من غياب عدة لاعبين مهمين في مركز الظهير الأيمن، مثل وجدي كشريدة ومحمد دراغر وحمزة المثلوثي، مما يضع ضغطاً على محمود غربال لتقديم أداء ثابت في هذا المركز.
تحديات فنية وتكتيكية
الملعب الاصطناعي
يمثل اللعب على أرضية اصطناعية في بعض المباريات الخارجية، مثل مباراة ليبيريا في مونروفيا، تحدياً تكتيكياً للمنتخب التونسي، حيث يؤثر ذلك على أسلوب اللعب والاستحواذ على الكرة.
الضغط الجماهيري
يواجه المنتخب التونسي ضغطاً جماهيرياً كبيراً في المباريات الخارجية، خاصة في البلدان التي تشهد حضوراً جماهيرياً كثيفاً، مما يمثل تحدياً نفسياً للاعبين.
إصابات لاعبين مؤثرين
إلياس السخيري
يعتبر غياب إلياس السخيري (آينتراخت فرانكفورت الألماني) بسبب الإصابة خسارة كبيرة للمنتخب التونسي، نظراً لدوره المحوري في وسط الميدان وخبرته الدولية.
يوسف المساكني
يغيب يوسف المساكني أيضاً عن صفوف المنتخب بسبب الإصابة، وهو ما يمثل خسارة على المستوى الهجومي نظراً لخبرته الكبيرة وقدرته على صناعة الفارق.
تحديات إدارية وتنظيمية
تغيير المدرب
يمثل تغيير المدرب في منتصف التصفيات تحدياً للاستقرار الفني، حيث يحتاج سامي الطرابلسي إلى وقت للتعرف على اللاعبين وتطبيق أفكاره التكتيكية.
ضيق الوقت
يواجه الطرابلسي تحدي ضيق الوقت لإجراء التعديلات التكتيكية اللازمة، خاصة مع تتابع المباريات في التصفيات.
الفرص المتاحة أمام المنتخب التونسي للتأهل
نظام التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026
تقام تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026 بنظام المجموعات، حيث تم تقسيم المنتخبات إلى 9 مجموعات، تضم كل مجموعة 6 منتخبات. وفقاً لنظام التأهل:
- يتأهل متصدر كل مجموعة مباشرة إلى كأس العالم (9 منتخبات).
- أفضل 4 منتخبات احتلت المركز الثاني، تتأهل لخوض الملحق العالمي مع القارات الأخرى ليتأهل منتخب واحد في النهاية.
وضع المنتخب التونسي في التصفيات
يتصدر المنتخب التونسي حالياً المجموعة الثامنة برصيد 16 نقطة من 6 مباريات (5 انتصارات وتعادل واحد)، متقدماً بفارق 4 نقاط عن أقرب منافسيه منتخب ناميبيا (12 نقطة).
نسبة تأهل المنتخب التونسي
وفقاً لموقع “We Global Football” المتخصص في الإحصائيات الرياضية، فإن نسبة تأهل المنتخب التونسي إلى كأس العالم 2026 تبلغ 98%، وهي ثاني أعلى نسبة بين المنتخبات الإفريقية بعد المنتخب المغربي (99.8%).
المباريات المتبقية للمنتخب التونسي
تتبقى للمنتخب التونسي 4 مباريات في التصفيات:
- تونس – غينيا الاستوائية (في تونس)
- ساوتومي وبرينسيب – تونس (خارج الديار)
- تونس – ناميبيا (في تونس)
- ليبيريا – تونس (خارج الديار)
وتعتبر مباراة تونس ضد ناميبيا هي الأهم، حيث يمكن أن تحسم بشكل كبير مسألة التأهل المباشر لكأس العالم.
سيناريوهات التأهل
السيناريو الأول: التأهل المباشر كمتصدر للمجموعة
يحتاج المنتخب التونسي إلى 7 نقاط من المباريات الأربع المتبقية لضمان التأهل المباشر بغض النظر عن نتائج المنتخبات الأخرى.
السيناريو الثاني: التأهل عبر الملحق
في حالة تراجع المنتخب التونسي إلى المركز الثاني في مجموعته، فإنه سيكون له فرصة التأهل عبر الملحق إذا كان من بين أفضل 4 منتخبات احتلت المركز الثاني في المجموعات التسع.
آراء الجماهير والمحللين حول فرص المنتخب
آراء المحللين الرياضيين
نور الدين العبيدي (محلل فني في قناة دبي الرياضية)
أكد المحلل الفني نور الدين العبيدي أن المنتخب التونسي يقترب بخطوات ثابتة من ضمان الترشح لمونديال 2026. وأشار إلى أن الأداء الفني للمنتخب تحسن بشكل ملحوظ تحت قيادة المدرب سامي الطرابلسي، خاصة على المستوى التكتيكي والانضباط الدفاعي.
محللون رياضيون آخرون
يرى العديد من المحللين الرياضيين أن المنتخب التونسي يمتلك فرصة كبيرة للتأهل المباشر إلى كأس العالم 2026، مستندين في ذلك إلى تصدر المجموعة بفارق مريح، والاستقرار الفني الذي بدأ يتحقق مع المدرب سامي الطرابلسي، والصلابة الدفاعية التي أظهرها المنتخب في المباريات السابقة.
آراء الجماهير التونسية
عبرت الجماهير التونسية عن سعادتها بالنتائج التي يحققها المنتخب في التصفيات، وأبدى معظم المشجعين تفاؤلهم بقدرة المنتخب على التأهل المباشر إلى كأس العالم. وقد ازداد هذا التفاؤل بعد الفوزين المتتاليين على ليبيريا ومالاوي في الجولتين الخامسة والسادسة.
آراء اللاعبين والجهاز الفني
صرح سامي الطرابلسي: “التأهل لكأس العالم ضرورة قصوى في تونس وهدف رياضي واضح بالنسبة للجميع”. وأضاف: “من وجهة نظري الإمكانات التي تتواجد حاليا في منتخب تونس تسمح بتحقيق هذا الهدف”.
كما أبدى لاعبو المنتخب التونسي ثقتهم في قدرة الفريق على التأهل المباشر إلى كأس العالم 2026، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على التركيز في المباريات المتبقية.
الخاتمة
يقف المنتخب التونسي على مشارف تحقيق حلم التأهل إلى كأس العالم 2026، مستنداً إلى نتائج إيجابية في التصفيات وأداء فني متميز، خاصة على المستوى الدفاعي. ورغم التحديات التي تواجهه، من إصابات لاعبين مؤثرين وضغوط جماهيرية وتغيير فني في منتصف المشوار، إلا أن الفرص المتاحة أمامه للتأهل تبدو كبيرة، مع نسبة تأهل تقدر بـ 98% وفقاً للإحصائيات.
ويبقى السؤال المطروح: هل سينجح “نسور قرطاج” في الحفاظ على مستواهم المتميز في المباريات الأربع المتبقية وحسم التأهل المباشر إلى المونديال؟ أم أن المنافسة ستشتد في الجولات الأخيرة وتفرض سيناريوهات أخرى؟ الإجابة ستتضح في الأشهر القليلة المقبلة، لكن المؤشرات الحالية تميل بقوة نحو تأهل المنتخب التونسي إلى كأس العالم للمرة السابعة في تاريخه، والثالثة على التوالي.